فريق GAV4RD ينهي جولات الأنشطة الميدانية في قرى ريف الدرباسية

GAV – الدرباسية

اختتم فريق منظمة GAV للإغاثة والتنمية جولات الأنشطة الميدانية من مشروع ‹بعيدين عنكن بخطوة› في قريتي جنازية وقنطر في ريف الدرباسية الجنوبي بتاريخ 26 آذار / مارس الجاري.

وجاءت الأنشطة الميدانية فور انتهاء الجولات التحضيرية إلى القرى المستهدفة في أرياف الحسكة، الدرباسية وتربى سبيه، والتي زودت فريق البرامج في المنظمة بدراسة متكاملة عن أوضاع تلك القرى من النواحي الاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وإعداد فريق الطلبة المتطوعين وإشراكهم في ورشات حول المحاور التدريبية الثلاثة (مهارات التواصل، المهارات الإدارية والمهارات الفنية والثقافية).

وساهمت تلك الورشات والتدريبات التي خضع لها الطلبة المنحدرين من مختلف مكونات المنطقة (كرد، عرب وسريان) إلى جانب عدد من النازحين المحليين في الفريق، على إنتاج عبارات تعبر عن السلام، لتستخدم كبروشورات وملصقات على سيارات الحملة، والتي ساهمت بدورها في إيصال رسالة المشروع إلى أهالي المدن التي عبرتها تلك السيارات. ومن تلك العبارات (السلام لا يولد في المؤتمرات بل في قلوب الناس وأفكارهم، بالاتفاق ندرك نصف الحقيقة، وبالاختلاف ندرك نصفها الآخر، وغيرها من العبارات).

وتشتهر قريتا جنازية وقنطر في ريف الدرباسية بزراعة القمح والشعير، وتمتازان أيضاً بطبيعتيهما الهادئة والخلابة. أما بالنسبة لقرية (جنازية) فهي قرية عربية، اسمها مستوحى من كلمة (جنازة)، وذلك لكثرة الضحايا في الحروب التي دارت بين قبائل المنطقة قديماً، وتطل على القرية من الجهة الشمالية تلة معروفة باسم (تل جنازية)، والجدير بالذكر أن الاسم الحالي للقرية هو (جنان). أما قرية (قنطر) فهي قرية كردية، اسمها مستوحى من قناطر المياه التي كانت تمر من خلال جسر على نهر القرية قديماً، ويذكر أن أحد مخاتير قرية (قنطر) أتسم بالوعي وكان لديه ستة أولاد، فأصبح أربعة منهم أطباء، وأحدهم مهندس، وأصبحت هذه العائلة القروية مثلاً للنجاح الذي يحتذى به في منطقة الدرباسية.

وقد تمكن فريق المنظمة من إيصال فكرته عبر المجتمع المصغر الذي تقاسموه ضمن فريق واحد خلال شهرين كاملين من التدريبات والأنشطة وتبادلوا خلالها وجهات نظرهم الثقافية، وكونوا علاقات صداقة بينهم، ونقلوا تجربتهم الصغيرة هذه إلى الأهالي في القرى المستهدفة، مؤكدين على ضرورة الوقوف معاً يداً بيد لتعميمها وتحويلها إلى ثقافة مجتمعية.

ونفذ فريق المنظمة مجموعة من الأنشطة الهادفة إلى تعزيز العلاقات بين المكونات في المنطقة، وتدعو إلى السلام بينها ونشر ثقافة تقبل الآخر، إذ تبادل الفريق الألبسة التراثية الخاصة بالمكونات (كرد، عرب وسريان)، والتي عبرت وحملت مفهوم تقبل ثقافة الآخر، وانقسم الفريق إلى مجموعات لتنفيذ نشاط (زيارة منازل الأهالي)، وهذا ساعد على تعرف  الفريق والأهالي على بعضهم من جهة، إذ قابل الفريق كبار السن في القريتين وتحدثوا معاً عن مدى العلاقة الجيدة التي كانت تربط بين المكونات، ولا سيما حديثهم عن القصص القديمة للمنطقة والتي كانت غنية بالتعاون والتفاهم، مشيرين إلى تراجع مثل هذه العلاقات جراء الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، وبدروه أكد فريق المنظمة لكبار السن على دورهم في إعادة التفاعل بين المكونات وتأثيرهم في الشباط لتوطيد العلاقات أكثر وإعادتها إلى رونقها القديم. ومن جهة أخرى، أظهر النشاط للأهالي مدى التعاون والتفاهم بين فريق العمل من الطلبة المنحدرين من جميع المكونات.

وجرى النقاش خلال النشاط حول مواضيع تدور حول تعزيز السلم الأهلي كــ (علاقة الأهالي بالمكونات الأخرى، المشاكل التي تعيق التواصل بينها، كيفية الوصول إلى حلول وعدم إهمال المعوقات والعمل على إزالتها وغيرها ذلك من المحاور)، إذ ساعد هذا التفاعل في تشكيل علاقة محبة بين الفريق والأهالي.

من جانبهم، أظهر الأهالي حسن الضيافة والترحيب بالفريق ودعوتهم لتناول الغداء والمشروبات الشعبية، معبرين عن سعادتهم من الأجواء التفاعلية التي بثها الفريق في القريتين، لا سيّما فرحة الأطفال ببرامج الأنشطة وتعرف الأهالي على الأزياء الفلكلورية للمكونات الأخرى.

وطرحت خلال جلسة الحوار والنقاش بعض المشاكل التي تم تداولها بشكل تفاعلي، والتركيز على ضرورة فتح قنوات التواصل مع أهالي القرى المجاورة من المكونات الأخرى، عدم ربط التعامل بين المكونات في جانبه الاقتصادي وحسب، بل تضمين ذلك مواضيع الثقافة والتاريخ والعلاقات الاجتماعية، وعدم السماح للخلافات بتفكيك النسيج الاجتماعي الممتد لمئات السنين.

وبعد الانتهاء من نشاط جلسة الحوار والنقاش، استعد الفريق للفقرة الفنية من الأنشطة، حيث تم تقديم الدبكات الثلاث (السريانية، الكردية والعربية)، والتي نالت إعجاب الأهالي الذين شارك الكثير منهم الفريق في أداء الدبكات، ثم تلتها الفقرة الغنائية التي عرضت خلالها أغاني فلكلورية للمكونات الثلاثة، قبل تقديم عرض فني مسرحي حمل فكرة المشروع والتي تدعو إلى السلم الأهلي والتعايش المشترك.

هذا ونفذ الفريق بعد اختتام العروض نشاطاً ترفيهياً خاصاً بالأطفال، وتضمن إجراء مسابقات بينهم وتوزيع بعض الهدايا عليهم، قبل أن يتم إغلاق البرنامج بأداء دبكة جماعية شارك فيها الأهالي.

ومن خلال النشاط التفاعلي لفريق المنظمة مع أهالي القريتين، تبين أن غالبيتهم لا يملكون علاقات مع بقية المكونات التي تشاركهم العيش في المنطقة، على الرغم من عدم وجود خلافات، إلا أن معظمهم لا يملكون طرائق للتواصل مع بعضهم البعض، وهذا مؤشر على أن العلاقات الاجتماعية محصورة ومحدودة بشكل كبير.

وشكلت هذه الأنشطة التي نفذها فريق المنظمة كسراً للرتابة التي تعيشيها المجتمعات القروية، ورسالة تعبر عن السلام وضرورة التكاتف بين الجميع للوصول إلى بر الأمان وسط التحولات الكبيرة التي تدور في محيطهم الاجتماعي، وتعويم فكرة العلاقات الاجتماعية وعدم اقتصارها على التعامل التجاري أو الاقتصادي، من خلال تذكير الأهالي بالحالة الطبيعية التي كانت سائدة قبل سنوات الأزمة، لتكون بداية نحو سلام حقيقي يستند إلى وعي بضرورة التعايش الإيجابي والسلام.

جديرٌ بالذكر أن فريق المنظمة يستمر في تنفيذ جولاته في قرى ريفي الحسكة وتربى سبيه، إذ تستمر المرحلة النهائية من المشروع (الجولات الميدانية) حتى 26 نيسان / أبريل المقبل.